منتـدى طــلاب جامعــة القاهــرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتـدى طــلاب جامعــة القاهــرة


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 سبعة وثمانية 7 و 8

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف هاشم محمد نجم

يوسف هاشم محمد نجم


عدد الرسائل : 18
تاريخ التسجيل : 22/08/2011

سبعة وثمانية 7 و 8 Empty
مُساهمةموضوع: سبعة وثمانية 7 و 8   سبعة وثمانية 7 و 8 Emptyالأحد نوفمبر 20, 2011 11:04 pm

لســــان العصــــر

{وَ مَن أحسَنُ دِيناً مِّمَّن أَسلَمَ وجهَهُ لله وهُو مُحسِنٌ
واتَّبَعَ مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً}
سلسلة لسان العصر
في سبيل تكوين تجمع العصر لتعظيم سيد العصر
محمد بن عبد {الله}
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

7 و 8
سبعة و ثمانية

تقديم : يوسف هاشم محمد نجم
تـنويه
ورد على غلاف هذا الكتاب بأنه تقديم:-يوسف هاشم محمد نجم .نرجو التنويه بأن كلمة تقديم وردت بدلاً عن كلمة: ( تأليف ) أو (المؤلف ).ولقد قصدنا بإيراد كلمة ( تقديم ) بدلاً عن كلمة (تأليف ) أن نؤكد أن المؤلف الحقيقي هو { الله } وما نحن إلاّ أداة تقديم لإلهامات وردت على الخاطر من لدن العالم المعلّم الأول والآخر :

{الله}
خالق كل شيء وهو الواحد القهّار.
ماذا نعني بتجمع العصر
الاسم :-
تجمع العصــــر لتعظيم سيد العصر

سيد العصر هو صاحب المقام المحمود عليه أعظم الصلاة وأتم السلام، هو الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، سلاماً وأمناً على ميزان المحبة والرحمة.و ليس للمقام المحمود من صاحب غير سيدنا وحبيبنا وغرّة أعيننا محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.و معنى تعظيمه هو أن نعمل على تمهيد طريق قدومه المنتظر.
ولقد طلب منا عليه أفضل الصلاة وأتم ألتسليم أن ندعو له عند وفي كل وقتٍ رُفع فيه النداء بالطلب لفتح أبواب السماء لتحقيق الصلة بالرب أن نقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاةالقائمة آتي محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
والوعد كان قد جاء هكذا :
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا }
[79 الإسراء]
المرشد:-
هو محمد بن عبد {الله}
النبي الأميّ المبعوث رحمة للعالمين كافة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأعضاء:
هم كافة العالمين من إنس وجن . الطفل والطفلة، الصبي والصبية، الشاب والشابة، الذكر والأنثى.المسلم، المسيحي،اليهودي، البوذي الهندوسي الزرادشتي، الكنفوسيوشي، الماركسي وجميع من هم بخلاف ذلك من أمة {الله} الذين وسعتهم رحمة الرحمن.
المقر:
في كل بقعة مباركة من أرض {الله} الواسعة
وفي قلب كل عبد من عبيد {الله} يسكنه الرب.

المركز الرئيسي:
ُيشيّد أعظم مبنى بعد الكعبة المكرّمة والمسجد النبوي المشرّف والمسجد الأقصى المبارك على وجه الأرض في البقعة المباركة حيث التقى موسى العقل بالخضر القلب في مقرن النيلين في الخرطوم ليكون مركز الانطلاق لتعظيم النبي محمد بن عبد {الله} والدعوة لتطبيق منهاج السنة النبوية المشرفة.ثم بعد ذلك لاحقاً ليكون مقراً للحكومة العالمية، وبناء على ذلك يجهز هذا المبنى بحيث يلبي أغراض ذلك بصورة شاملة.هذا البنيان يجب أن يشمل استوديوهات للبث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات وقاعة مؤتمرات عالمية كبرى بالإضافة إلى المرافق الضرورية لخدمة العاملين.

الدستور:
هو قول النبي محمد بن عبد {الله}عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
(راجع كتابنا: دستور الإنسان المعاصر)
وعليه فإن هذا التجمع ليس بحزب سياسي ولا بطائفة دينية، ولا برابطة إقليمية.


شعار هذا التجمع:
قول {الله} تبارك وتعالى وقوله الحق المبين :
{ لا إكراه في الدّين قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
لا انفصام لها والله سميع عليم }
[256 البقرة]
آلية الدعوة:
{أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]




{اللهُ}
جلّ جلاله وتباركت أسماؤه

{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[13 الأحقاف]

{إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة
ألاّ تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي كنتم تُوعدون}
[30فُصّلت]

بسم الله الرّحمن الرّحيم
{ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
[9 النحل]


جفـاءُ المضـاجـع ليـس يـنـبئـك عـن شـغــف الـهـوى
وجلُ الجـلاء جـلالُ جـمال صـفـاء سـاعات الجوى
قد مضى عهد التّصابي و مقبل الأيّام رجعٌ للصّدى


إهداء هذا الكتاب

إلى الراحلين إلى ديارٍ ليس للأجرام فيها خيالٌ ولا ظلال
ليس للأذن أن تسمع فيها غير أن بالحمد تسبيحا للجلال

لا يُغضُ الطرفُ فيها إذ أنها جمعت جميع آفاق الحلال
لا يُشم فيها إلا عبيراً طيباً يحمله إليهم نسيم رياح الجمال

يُقال هاكم إن وصلتم حرماً لا يلهيكم عن الحلال خبال
فإذا وصلتم بلغوا عني أني اتخذت الحب حبلاً للوصال
فليس غير الحب طريقاً لصنديدٍ من صناديد الرجال
هو الطريق الآمن لمن كان يرجو أن يمد إلى الوصول حبال

فيا ليت أني معكم أطالع طلعة البدر من بين أستار المحال


7 و 8

كل الوجود قام على سبعٍ
عليها ثمانيةٌ تربعت تقيد وتعيد

كمنجة أوتارها سبعٌ
والقوس دائماً مُكِبٌّ عليها شديد

شوف كيف الكحل في العين
يتخت بالمرواد
لأجل أن يرتد البصر حديد

الكون تصوير ممتد بين اللوحة والفرشاة
تتمازج الألوان ترسم شقي وسعيد

الحياة تتبلور على سبع حلقات لولب
تضيق تنفرج والثمانية عهد جديد

الأنثى يُشار إليه بالرقم سبعة
وهي روح الأرض مصدر التنهيد

والذكر أهرامٌ كونٌ وقرنٌ
برج إيفل ورأس سهم الصيد

الحياة تمور من يومٍ إلى يوم
موجاتٌ زمنية تتقلّب والشط أبداً بعيد

الذكر والأنثى نقيضان يتجاذبان
يتماسان في مربعٍ واحد والاختلاف حميد
وكما قيل فالاختلاف لا يُفسد للود قضية
وتظل المحبة تراهن القيد الحديد

الحياة لغزٌ كبير
والتأويل فكّ شفرة التعبير
آيات كتاب العلي العزيز المجيد

الرب في القلب

الحمد لك ربنا أدمت علينا
شكر الجزيل من نعمتك والإحسان

حضوراً دائماً تحت ممدود الظلال
من قرب معيّتك هنا والآن

والحمد لك أن جعلت لسان الشكر
يلهج عنّا وتلك واسع رحمة الحنّان

نحمدك أن أحييتنا لنراك فينا
سبحانك اللهم ما أجمل صورة الإنسان


سبحانك أن جعلت لك القلوب بيوتاً
وأذنت أن ترفع لرجالٍ لا تلهيهم غير تجارة المنّان

فإذا كان الرب في قلبك
تكون ملائكة السماوات لك جيران

وإذا أمكن أن يكون سمعك وعين بصرك
يكون الناس في الأرض لك حيران

لقد خُلقت لك الأكوان جميعها
فهي بين يديك ساجدة وأنت يود حيران

أنت للرب فيك صورته
من الخفاء أظهرها فريدة الشكل والألوان


فما انعكاس هذا العلم
على تفانين سلوكك أيها الإنسان

من فضله أغناك فطغيت
نمت شبِعاّ والجار منك بات جوعان

من كرمه أفاض عليك
فأمسكت وفات عليك أنك الخسران



خيل الهوى

لولا أنه ناداهـ للبث في الظلمات
إلى ما شاء ملك يوم الدين

سبّح بلا إله إلا أنت ذاكراً اسماً
كن فيكون جوابه في الحين

كل اسمٍ له إيقاعاً به يتميّز
كماله صفة مدوزنة على وترين

ينبثق منهما قدرٌ فريدٌ
ما به أذنٌ سمعت ولا له مثيلاً رأته العين


ما نراه الآن رجعاً لصدى نفخةٍ
في صور الأنا المعظّمة رحمة ومودة وحنين

صادرةٌ راجعةٌ تتوالى كموج البحر
من لا إلى إلا بالصوت والتلوين

المنتهى إلى حيث لا حيث إلى أين لا أين
نفياً وإثباتاً على نجدين

السير على سبعٍ مثاني
تدور تتلولب بلا تكرار في التعيين

ظلمت نفسي حين أغويتها
فتقاعست عن سلوك درب العارفين


وظنّت أنها على السرج فوق الظهر
من خيل الهوى في ياء سين

فما استقرّ بها المقام على جادةٍ
ولم يأخذها الحال إلى المعين

تسير خبط عشواء لا تتحقق
وإنما تُهوِّّمُ حول الحمى تسترشد التخمين

أحاول التصحيح بالحد من غلوائها
فتتمنّع في عنادٍ منها أجده مشين

فتقول لا حول لي ولا قوة
وما رميت إذ رميت فلعلّك تستبين


هذا يمعنني توغلاً في حيرتي
والفؤاد يتوجس خيفة من الظن اللعين

غير أني أتعلّق ومض الحق في عشمٍ
أن قبل أن يأت اليقين أرى حق اليقين

اليقين على درجاته وقوده الحيرة
ومتبلّد الإحساس كصخرةٍ في الطين

الفطنة أن تقرأ ما بين السطور
وأن ترى ما خلف الوجوه دفين

ليس القبر بالحق ما شُقت الأرض عن لحده
وأُهيل عليه التراب فوق طوب الطين


وإنما هو هذا الجسد يتبلّد
كخشبة يتقاذفها الموج فوق بحر السين

ولعله معلومٌ أن طاقة بحر السين سالبة
تأخذ نفس السين كل ما هو ثمين
ولولا أن الياء طاقة موجبة
لكانت القبور على مدّ بصر العين

الحروف أسرارها قميسة
غير أنها بوّاحة
لمن استمع وأنصت الإيقاع من حرفين

ط هـ ذكرٌ وأنثى في سعادةٍ ما بعدها
على العرش بينهما يستوي الفرح طرفة عين


دائرة السوء

كل ابن زنا هو ابن حرامٍ قطعاً
وعلى ذلك اتفاق

ولكن ليس كل ابن الحرام من سفاحٍ
فلا تخلط الأوراق

ما انهارت القيم إلا
عندما تداول الناس الحرام في الأسواق

فكل مولودٍ تعاط أبواه حراماً
ولو شق تمرة
وُضعت نطفته بغير حق على الأبواق

ولا يحلل هذا الحرام ما تفشّى
إلا بأخذ الكفاف في الإنفاق

ابن الحرام لا يتورّع أن يزني
فيزداد الطين بِلاّ على الأعناق

بذلك تنداح دائرة السوء اتّساعاً
وتحيط بالناس فوقاً وفي الأنفاق

وليس ثم طريقاً إلى النجاة إلا
أن يتداركنا لطفٌ من الخلاّق




أرفع يديك

يا أيّها الواقف لا تدري
قيمة الوقوف بين يدي الرحمن

أرفع يديك فوق رأسك عالياً
و تشبّث بأعتابٍ إليك تدلّت هنا والآن

بناظريك تعلّق بضياءٍ أنار الكون
فأظهر الوجود بالصوت والألوان

لا تخش في الحق لومت لائم
ستكلؤك الحقيقة تصدر إليك بيان


أن ليس في الوجود من شيء
لم تسعه الرحمة ومن يستعص على الغفران
الحقيقة واحدة

لا يجب أن يتّخذ الأرباب آلهة
كما فعل الرومان والإغريق

الإله واحدٌ لا إله إلا هو
رب الأرباب جمعاً بلا تفريق

فإن لم تك تسعى لترى ربك
في محراب العبودية {لله} ساجداً كرقيق

فاحذر أن تستفزّك نفسك
فتجعل منها إلهً له تسجد كالرقيق


الحق يتعدد بصورٍ وأشكالٍ
لا تحصيها مهما تكون دقيق

أما الحقيقة فواحدة
هي المثل الذي لا مثيلٌ له ولا شقيق



التأويل فك شفرة الحروف

هل كان يمكن أن يكلمهم عن امرأةٍ
تترأس القضاء
وهم يدفنون البنات خوف العار
أم كان بإمكانهم أن يستوعبوا
لو أُخبروا عن كيف يعقب الليل النهار

وهل كان يمكن أن يخبرهم عن هيروشيما
وسلاحهم الرمح والمهنّد سيفهم ومنجنيق النار

وكيف بهم إن أنّه أخبرهم
عن الجت و الفانتوم والباثفايندر
وهم يسافرون على ناقة وبغلٍ وحمار

وهل كان يمكن أن يكلمهم عن التلفون والتلفزيون
وحمام الزاجل عندهم كان أسرع ما ينقل الأخبار

وكيف بهم لو أنه أخبرهم عن البوتوغاز والمايكروويف
وهم بالحطب والقصب يوقدون النار

هذه بعض أمثلة استدعت التشفير
ليتخذ الكتاب له في النفوس والعقول مدار

من أجل ذلك قال الحبيب لهم
( نحن معاشر الأنبياء أُمرنا
أن نخاطب الناس على قدر عقولهم )
فالأرض ثابتة والنجم حولها دوّار


من لهذا الالتباس

عندما يكون الناس حمقى
تراهم في صراعٍ
على الداخل خارج من الأنفاس

فإنك إن مررت بهم وسمعت شجارهم
تحسبهم في خصام على الألماس

ولعل أن أحمق الناس عالمٌ يسعى
لسلطانٍ اتخذ الرمال للعرش أساس

كذلك كل طالبٍ لعرَض الحياة الدنيا
في يوم الناس هذا
يسعى لقهرها بسيفٍ وعصا وفأس

وما أجمل من انطبعت على النظام خصاله
فذلك اليوم إنسانٌ نادر في الناس

ولقد قيل في حكمٍ ومحكم أقوالٍ حُكيت
واعتُبرت من نفائس الأحداث
أن سيد القوم خادمهم
وأن آخر من يشرب هو ساقي الناس

قد قال سيد الناس
( الخلق كلهم عيال {الله}
فأحبهم إلى {الله} أنفعهم لعياله}
فلا يغوينك الخناس

ولا تُضيّع عليك فرصة الآن سانحة
قبل أن يداهمك لفظُ آخر الأنفاس

وبما أن ذلك مجهولٌ أوانه
صاحت الحكمة قائلة توصي الناس
أن أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً
ولآخرتك كأنك في الغد لست بين الناس

و لا أقبح من المريء
يترك كفيفاً في الشارع العام يتعثر
ليلحق الصلاة في الأرماس

ترك الفيل وعكف يطعن ظله
فأين من يفك هذا الالتباس
قال المولى عزّ وجل
{ولا تمدنّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم }
يشير بذلك إلى أن العفاف أساس

ولعل أن أحسن ما قيل في التوجيه
لجعل المحبة تسود بين الناس

(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
ذلك حديث سيد الناس

هو الذي سيجيء يملأ الأرض عدلاً
ويُشيع السلام بين الناس بفك الالتباس

يحكم بأحسن ما أنزل {الله}
{ لا إكراه في الدين }
يخاطب به العقل ومصدر الإحساس

بالحكمة والموعظة الحسنة
وبالتي هي أحسن يؤاخي بين الناس

فتشرق الأرض بالنور وتفرّ فلول الظلام يسبقها الوسواس الخناس
الصلاة عماد الدين

قال والقول للناس قاطبة
أن الصلاة عماد الدين

من أقامها فقد أقام الدين
ومن تركها فقد هدم الدين

الصلاة عملٌ مطلوبٌ أن يكون صالح
ظاهر و باطن عملة ذات وجهين

العمل بلا علمٍ يكون هباءً منثوراً
كأنك تسأل في النهار
أين ضوء الشمس لعلّك تستبين

الحياة تسير على قدمين لا تتوقّف
علمٌ وعملٌ بمقتضى العلم المبين

قال ( من عمل بما علم أورثه {الله} علم ما لم يعلم )
فأن تعمل بما تعلم هذا عماد الدين

ومقارنة بقوله تعالى { لا إكراهـ في الدين }
تكون الصلاة عمل الفرد
بها على الاستقامة يستعين

بهذا فالصلاة آلة حربٍ على ألدّ عدو
هو نفسك بين جنبيك
تقهرها كي تكون أمين

الحرف أصل الكلام شكلٌ ومضمون
والحياة انبثقت بين حرفين ياء وسين
للكلمة معنيين ظاهراً قريباً ومعنى بعيداً باطن
وبعين البصيرة تتوالى المعاني سبعاً مثاني على حرفين

صّلاة الظاهر على الصّاد المشدد فتحة
بها تتعرّف على الأمّة المسلمة في الأولين

وصلاة الباطن تحت الصّاد المشدد كسرة
هذا الدين الخالص لأمّة ناسوت الخلق أجمعين

قال ( الدين المعاملة _ الدين حسن الخُلُق )
إذن فالصلاة وسيلة ليقوم السلام على العالمين

برهان ُ خُلُوص الدين إفشاء السلام
والمحبة سراجٌ وهّاجٌ يضيء الكون دنيا ودين


قال واحدٌ من العارفين
[ الماعندو محبة ما عندو الحبّة ]
و { من كان في رحله }اجتباهـ الصدّيق الأمين

قال ( الصّلاة صِلة بين العبد وربه )
فالتقت اثنتان فتحة وكسرة ليظهر المعنى الدفين

عبد {الله} قطعاً ليس المسلم فحسب
بل كل الأنام {لله}عبيداً
على شتى الدروب إنساً وجن

الرب َ يطلبهُ كلُّ إنسانٍ بلا تمييزٍ
بين متعبّدٍ بالمساجد عاكف
أو لاهيٍ بالمحبّة ضنين


دين الإسلام وفق مبدأ { لا إكراه في الدين }
يصبح ديناً لكل الناس يجمع الخاصّة والعامين

وشيئاً فشيئاً ينداح العموم
ويعمّ الخصوص أرجاء الأرض
فيصلّي الجميع مع المسلمين



سلطان العلم

مجتمعات خصوص بيوت المال
ممالك استعبادٍ يُذلُ فيه الناس

السادة بطرانين والسواد الأعظم عبيد
تحت الأقدام تموت تخلي مداس

الدين دستور نظام الكون
لأجل الناس من الساس للراس

وعلى مرّ الدهور منه تتفرع قوانين
على قدر ما تستوعب عقول الناس

واليوم ما في زول يملك زول
لكنه رأس المال هو سيد الناس
اقرأ كتاب الدين بمنظار عيون العصر
تجد الحل لجميع مشاكل الناس

زمان في عصر جهل الناس قال الدين
{ فإذا انسلخ الأشهر الحرم
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}
وذاك كان ضروري ليحيا الناس

لكن كلام اليوم ومن كتاب الدين
{ لا إكراه في الدين}
{فذكر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر}
{ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}
{ أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن}
وهكذا في عصر الفهم
سلطان العلم يبدد ظلام الجهل من ساس



الفؤاد رحم الأنثى

الحورُ العينُ ليسوا نساءً
بل هن إناثٌ لم يطمثهن إنسٌ من قبل أو جان

إنهن بنات أفكارٍ صالحاتٍ
من جنس الكلمات التامات ما فوق الإحسان

ما من قبل أُفصح عنها
تمتخض الأرحام بها لتنجب الإنسان

طمثُ أرحام النساء حيض دمٍ
من جناب الجِبِلّة تُطهّرُ منه الدنان


وطمثُ الإناثِ فيض أنوارٍ
تسكن إليها النفوسُ لتحرير العقول
من تشتتٍ ومن زوغان

النساء أجسادٌ أرحامهن أبواقٌ
تٌنفخ فيه انفعالات المشاعر فتبثّ بشراً زوجان

أما الإناثُ فهن أرواحٌ أرحامها أفئدة
منها يُبثُّ نبض القلوب رَوْحاً و ريحان

ترويض بهيم عقول الرجال
اقتضى التلويح بحورٍ عينٍ قطيعاً
به تغطّت عيون البيان

فكانت حكمةٌ لدفع جموع النساء يثرن
لنيل حقوق الإناث كاملة بلا نقصان

فاطمة الزهراء رضي {الله} عنهاما كانت امرأة أنثى
بل كانت الأنثى امرأة ما طمثت أبداً
لأنها الطاهرة بنت الإنسان

لهذا فذرّيّتها شَرُفت
لأنها من رحم أنثى خرجت
طاهرةٌ مُطهّرةٌ من كل ران
الحورُ العينُ ليسوا نساءً
بل هن إناثٌ لم يطمثهن إنسٌ من قبل أو جان

تأكيداً لهذا قال النساء للرجال شقائق
و المرأة تُبعثُ فرداً سوياً كما الرجل لا فرق بين الاثنان

الناس خُلِقوا من ذكرٍ وأنثى وما جُعل التفاضل جنساً
بل ُجعلت الكرامة تقوى من الرجل والمرأة سيان

الرجل جنس الذكر والمرأة جنس الأنثى
قد وقع التباس العقول فظُنّ الواحد اثنان

الذكر والأنثى قطبي الإله الواحد
ورب البيت أحدٌ صمدٌ متعدد الشأن

والشئون أفرادٌ تتفرّد بلا اختلافٍ في النوع
وإنما المقادير تتبلور أشكالاً و ألوان



السلام المحيط

قال بقدر أهل العزم تأتي العزائم
توأمها أن بقدر ما تستسلم
يحل فيك سلمٌ دائم

في حقيقة الأمر أن السلام محيطٌ
والكون فيه العائم

ولا تُدرك العقول ذاك يقيناً
إلا بالخلاص من وهم الإرادة الهائم

ولا يحتدّ فيك البصر إلا بعد رفع الغطاء
عن وجه المارد النائم

لولب الأحوال

تكلم قل ماذا تعاني من متاعب
أطلب تجد ولابد لك أن تُعاتِب

أن أرى الحبيب ولو للحظةٍ
أعلم أن بها تُطوى المصاعب

لحظة واحدة كلمح الطرف
أعلم أنها تحوي الزمان بطوله وكل أشرعة المراكب

ويمتدّ فيها المكان إلى سبع جنانٍ
الآخرة والأولى يناجيان العاقب

أخشى إن طلبت أن أكون مجافياً ثقةً
فال هنا والآن أحسن ما تكون عواقب

أخشى وتخيفني أخشى هذه
لما فيها اعتراضٍ على سير الثواقب

فالكون موزونٌ على مثقال ذرةٍ
تحتوي طاقة الروح بين مجذوبٍ وجاذب

أجمل اللوحات صورة الأمر كن فيكون
فلا مكان فيها للشوائب

وأجمل اللحظات على إطلاقها
حين تكون قطعاً حقاً راضياً
وتلك أحوالٌ كاللوالب

{يسألونك عن الروح}

قال الروح من أمره
وما أوتيتم من العلم إلا القليل

وبما أن أمره هو شأنه المتجدد
فليس الروح غيره ولا هناك دخيل

إن أردت أن تشاهدها أُنظر إليك
فأنت عليها شاهدٌ ودليل

أبعادها سبعةٌ عليها الحياة تتلولب
لا تنحرف عنها ولا هي تميل

{الله}الإله الحيّ القيوم العالم المريد القادر
سبعة أسماء أبعادها ظل الخفاء الظليل

وهم بحورٌ سبعةٌ
تسبح الحياة على إيقاع موجاتهابلا تعطيل

إن أردت أن تعرفها فنفسك أعرف
ولا أحسب أن ذلك مستحيل

الإنسان موعودٌ بملاقاة ربه
بعد كدحٍ دءوبٍ وصبرٍ جميل

ربّ الأرباب أحدٌ صمدٌ
ما تشرّف أن لقاه إلا واحدٌ ولا غيره من يكون هو الأصيل

كل فردٍ في الوجود خُلق فريداً أصيلاً
أخذ من الأصيل أصالته وجهاً جميلاً من جليل



سعة الخير

وزن الحسنة يتضاعف عشراً
فلماذا نحمل هم الأيام

سعة الرحمن تجعل العشرة مائة
بل وبما لا تدرك حسابه الأقلام

الخير من الرحمن لا بل أنه هو
وأدنى الكم منه لا تدركه الأفهام

الواحدة إلى عشرٍ والسبعة لسبعمائة
إلى بغير حسابٍ تتسامى الأرقام


ويتعدى الخيرُ الكمَّ إلى الكيف
فالنيّة الطيبة كما كأن فعلت تمام

فموازين قياس قيم الأفعال
تفوق الحاسوب الديجيتال
ولا تبليها ويلاتٌ أو أسقام

الكريمُ جميلٌ على نفسه يؤثر
يزدان جلالاً
فيُعطى ويُزاد جمالاً والإكرام

المعطي عزيزٌ على ملكٍ يتعاظم
إلى ما لا رأت عينٌ
ولا خطر بقلب أي أنام


هذا مهرجانٌ يُسعد فيه الفرحُ
يقدم فيه الغفران على كفوف محبة
تمحو جميع الآثام

ولولا ذلك ما قامت للكون قائمةٌ
ولما انسلخ من ليلٍ نهارٌ لأمام

ولمازالت الكأس المقدسة تنتظر
أن تُملأ من الدن المعتق تحت جدار الأرحام





محراب صلاة الإنسان

التناقض والانسجام سفحٌ وقمّة
موجاتٌ تتعاقب في بحر حياة الأنام

يعلو الشعور رغيد الهناء
ويهبط أخرى كرأس طيور النعام

التنقل كدحاً بين أبعاد الحياة
تُستغل فيه نوق السكون صحواً أو بالمنام

فلا تبرح الآن نحو آفاق الزمان
فسرّ الحياة في الآن وهنا هو خير مقام


هذا التنوع بآفاق الفضاء
ليس إلا اختلاف مقدار أقمار التمام

الأكوان جميعاً محراب صلاةٍ
للإنسان السابق وهو المصلي نهاية دوام

إن غضبت تنبه فأنت على وشك انهيارٍ
لأسفل أسافل سلوك الهوام

وأن تعفو وتصلح فالأجر مضاعف
ارتفاع مقامٍ لنيل غايات المرام



ضريبة العلم

تألمت إذ وهماً ظننت
أن الظلم أحاط بي وأضناني الألم

و حقيقة الأمر أن جرعة الغيظ
ترفع المغتاظ درجاتٍ إلى قمم

ولقد يوماً طُردتُ من دار أخي
فأنهلت عليه لوماً بما حسبت أنه ظلم

والآن أعلم أني كرهت وهماً
ما كان الواجب شكره بما تسبب من نعم


ضريبة العلم عناء
و لا تُطبخ الحلوى إلا على نارٍ
بين نونٍ خاضعة والهزبر قلم

قال الرحمن الرحيم الحكيم العليم
{ عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم}

فذلك مما يُنزّل الغفران
ويقدح الشمعات بموتور الهمم

هذا الحق تحقق علماً
و الرجاء أن تضع الإرادة خطط الفهم

ليكون العلم عملاً يوازي
خارطة الطريق إلى حيث يزول السقم
وتكون جنة العرفان حقيقة لا يشوبها ظنٌ أو شبح الوهم
ومن ثم فأنك تبلغ أن ترى صوت الفناء
و يمكنك أن تسمع الصور ولون القدم

فتكون بكُلّك حيّاً
وتعسكر حولك وفود الفهم



السر خلف حجاب المظهر

{تسبح له السماوات السبع ومن فيهن
وإن من شيء إلا يسبح بحمده}

بمعنى ما من شيء
إلا ويشير إلى أن مظهره تحته الجوهر

وهل ترى الشمس
أم أن النور يخطف الأبصار فيعميها بما يظهر

{أقرب إليه من حبل الوريد}
تعني ما أنه غير ما أنت في المخبر


اليوم الآخر أنت جنانه وجحيمه
فأنت جهنم وأنت الكوثر

فانظر إليك ترى أن كل ما في الوجود
فيك ظاهراً ومسطّر

أنت الغاية إليها تسعى
وما من شيء إلا الوسيلة إليك والمعبر

فإن كنت به تقوم فما أنت غيره
بل أنت هو فافرح به جوهر

(لكلٍ منكم جعلنا شرعة ومنهاجا)
ولكلٍ ربه يظن أنه الأكبر


أفأ رباب متفرقون خيرٌ
أم نوحدهم تحت الراية الأبهى
فوق السندس الأخضر

التين والزيتون وطور سينين
ثالوث الحياة
والبلد الأمين أنت البهي الأبهر

قال {خلقت الإنسان لي}
فهل مادة الخلق غير ما لاح منه البكر بالأبكر

ليس غير ربك من في ديارك
ورب الأرباب واحدٌ هو القاضي المقتدر الأقدر

[الحجر الذي رفضه البناءون
سيكون على رأس الزاوية]
السلب فيك هو الرفض لحجر الزاوية
ليحفز الإيجاب فيك نحو القدر المقدر
فإذا معك اجتمعت الآفاق فيك
كنت أنت الطالب والمطلوب الممهّر




زفّةُ المولد

كيف يُطلق قيدٌ ما أحاط بمعصم
وهل ينهار جدارٌ ما أقيم أصلاً بالجوار

فلا تدّعي المقام بدار ليلى
فتلك دارٌ على هيهات أُقيمت لا لها استقرار

أما دار سلمى فحدث ولا حرج عن ترحال
فهي القدح المعلى كل آن لها شأنٌ كاللولب الدوار

وثالثتهم دار مي منها الحياة انبثقت
فهي طوفٌ به تجري ظلل الغمام متعدد الأطوار


ثلاثة من ضمن أربع عشر صبيحةٍ
المغنيات ضاربات الدفوف في زفّة سيد الأحرار





إلى كل مسترقي السمع

الطين ليس بداية حياة الوجود
ولا الصلصال رنين السنين

بل هو عتبة باب طريق الرجعى
لأصل الحياة الكنز الدفين

السر الأعظم إكسير الحياة
ما قبل الطين ما بين زيتونٍ وتين

الكتاب إشارات وشفرات
والحل تأويل المعاني لسبر غرار المكين


فلا تسترق السمع إن أردت جذوة نارٍ
لتطبخ عليها حساء الياء والسين

بل بكلّك أسمع وأنصت
لعلك تمسك زمام البراق الأمين

إن أردت الوصول لعتبة دار الحياة
حيث الكنز تحت جدار صلصال الطين

اتبع طريق الصلاة والسلام عليه محمد
واعتمد الحمد والشكر مفتاحاً لدين

تأليه النساء استراقاً لسمعٍ
بأذنٍ كفيفة وميلٍ لغنج مشين
فحواء الحقيقة منه وهو الخليفة
هي صفة الاسم لأسد العرين

إن أردت دليلاً فأقرأ
{الله لا إله إلا هو الحي القيوم}
ولعلك تستبين

حواء ما زالت ترزح تحت قيود الحدود
يتواصل منها بكاء الأنين

آن أوان إطلاق صراح دفينها
ليظهر منها النور المبين

الزاني المحصن حده الرجم
فحواء الحقيقة عتبة الحصن الحصين

فإن قضيت منها وطراً
فالالتفات للغير يُعدّ جرماً مشين



رحلة استكشاف

قال الصلاة والسلام عليه
(من عرف نفسه فقد عرف ربه)
وهو المكنون بالقلب

فأين هي هذه النفس متى وأين أقابلها
لأعرفها فأعرف ما بداخل القلب
وكما قال عارفٌ أتحسب أنك جرمٌ صغيرٌ
وفيك انطوت أبعاد عوالم الرب

العالمون العارفون أدلاء سياحة
إلى الأثر المقدس انطوى ببعدٍ أدنى من القرب

فشددت الرحال مشمّراً ساعدي
وطفقت أنقّب داخل باطن القلب

الأثر المقدس تحت جدار أوهامي
يقول بأن الخيار لي على الدرب

أحاول جمع شتات أفكاري ببوتقة
على وهج نيران شعور قواعد الأدب

فأصهرها وأزيل عن السطح شوائب الدنيا
فأصبُّ على قالبي عاموداً من الصلب

صنعت من العامود مثقاباً
وبدأت الحفر في مجاهيل انفعالاتي
أستعين مشاعر الحب

ويا للهول سبع طبقات طباقاً
إلى باطن أرضي تراكمت على الصلب

ولقد استغرقت دهراً أحاول ثقب الصخر
جلمود الطبقة الأولى بعيداً عن اللب

فكان عصيّاً كلما ظننت تقدماً
وجدت كأني أمسك جمراً شديد اللهب
فلما خرقتها ظننت أني نجوت
من زبانية ما كفوا عن الضرب

وجلست ألوم المثقاب ليأسٍ تبدى منه
وكاد يسبب هدم الثقب

وجاءني من الأقاصي رجلٌ يسعى
أسود الشعر شديد بياض الثوب

فقال هنيئاً
تجاوزت قشرة الطبقة الأولى
قلت يا للعجب

قال مازال أمامك إلى الطبقة الثانية
ست درجات كأداء والكدح نصب

فاستعن بآلة تسرّع الحفر
تكفيك الويل تجنبك التعب

فاشتريت مسباراً حلزونياً ديجيتال
ركّبتُ عليه مثقاب عامود الصلب

واسترخيت بالجانب أريح عضلاتي
ومن على الشاشة أراقب تقدم الثقب

لقد كان ذاك إلهاماً
أسبقته عليّ مرضاة أبواتي
من روضة الحب

كلما تقدمت ازددت يقيناً
بأن لباب الحقيقة بعيد منال الصب

وأن السير يبدأ منك وصولاً إليك
وأن الحق درجات متعدد العتب

وأعجب العجب أن في هذه الأولى
سماوات سبعة وسبع أرضين ترب

تقول لك احذر لا تتذمر
وإلا أُقصيت لأسفل قاع النقب

عليك أن ترضى بما أنت عليه
فيرضى عنك حرّاس أقداس اللب

توجهت صوب أحلامي
لعلي أراه طريق الرب

دخلت البرزخ أسأل عني
فقيل ارجع واسأل العبد عن رب

وحالاً عدت أدراجي
ركبت جناح الدعاء لعلي فيه أتأدب


دخلت البنك قدمت أوراقي
سحبت الرصيد وما عدت للمال أحسب

قيل خير الزاد التقوى
لرحلة بحثٍ عن نبع صفاء اللب

وأن تحب للغير ما تحب لنفسك
لتخرج سليماً من قاع الجب

رحلت أجوب الفيافي
أستنطق العبد أسأل أين الرب

فقيل استجوب نفسك أنت
وأبحث عنك فيك حالاً تجد الرب


تخلى عن اللف والدوران قف
وارجع إليك تجد البيت يسكنه الرب

أن تطمئن إليك البعد الرابع
من الطبقة الأولى أمراً صعب

دار ابتلاء تؤجج ناراً
يحترق القدر وكل الجهد عليه انصب

وخير مفازة ألا تحرّك ساكن
فيصحو الفؤاد باب القلب

هناك انتشرت خيام الغواني
كلٌ تنادي تعال إليّ تجد الحب

وليس إلا لصنديدٍ شديدٍ من يصمد
في وجه إغراء يذيب الصخر يعيد الكرب

الكل متلهف لترك المعاصي
وقليل من يشكر قضاء الرب
الزهد البلخي عملة نادرة
لا يملكها عبدٌ بغير أدب

إن أرت أن يُفتح لك
اقرع الباب بلطفٍ توخ الأدب

تجد السكينة تبحث عنك
و لك أفلاك الضياء تنير دروب اللبب


الاطمئنان يستعصى بغير تدبيرٍ
وليس التفكير إلا سبب

فاتبع الأسباب التقط الرزق
فهو مضمونٌ بغير تعب

في هذا البعد الرابع
الاطمئنان حارس الأبواب
لا يفرغ ولا ينصب

ولن تدخل الدار إلا عنك تتخلى
{فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}

هنا عليك تختلط البقر
فلا تمييز أيها الصفراء المطلوبة الأقرب

و تتلبس عليك الدروب
فلا تجد الصحيح إلا ببصرٍ أثقب

فإذا أُذن لك دخلت
تجد خيام العارفين بالحدب الأصوب

ولن تجد من يرحب بك
فالكل مشغول البال عن كيف يتطلّب



الروح دائرتين

هل كنت تعلم أن الروح دائرتين
ولا يحتاج الأمر لاجتهادٍ في الحساب

فمن كل شيء خلق ربّك زوجين
اثنين مثاني سبعاً لكل باب

ذلك الأمر أمام ناظريك علم بداهة
فغُض الطرف عن المخفي من اليباب

لا تترك الباب موارباً
اقرع يُفتح لك
والتمس الفتح تتبّع الأسباب

الروح من أمر الرب
بابين وجهين لعملة واحدة
إليها ترجع الأنساب

هما ذكرٌ وأنثى
العلم بالقلم والإحساس نوناً سويت
بفطرة انجذاب
دائرتي الروح عقل ونفس
تدور الراح بينهما بلا فكاكٍ للرقاب

فمن أقرب من حبل الوريد إليك
لا غيرك قطعاً فأنت البيت والبوّاب

الكدح هو الانهراس بين فكي الرحى
وليس هو إلا عناقاً مع الأحباب
فإن أردت رؤية ربك فيك أنهرس
تجد فيك في جنانك كل ما لذّ وطاب

لا تبارح تبتعد عن عتبة دارك
إن أردت ألا تضيع بين الشعاب

ولا تبحث عنك في مكان عداك
فأنت أقرب من حبل الوريد منك بلا حجاب

الروح طاقة خلاقة انبثقت
حين شبوب الوجد محبة في لباب

فلا تخرج عنك إلى غيرك تبحث
عن البرهان في الآفاق ما بعد السراب


الآفاق ليست لدي التحقيق غير إشارة
إلى ما فيك انطوى واندسّ تحت القباب

فهُدّ جدار الوهم بين دائرتيك
وأغلق على نفسك كل باب

تجد الأنا فيك جوهرة زيتونة تقول هيت لك
فلك أن تهم بها لترتد في الحال شباب

وتعتلي عرشك تجلس على الكرسي
لتقف عند سدرة منتهاك تطرق الأعتاب

وفي الحال تدنو فتتدلّى
إلى مقامٍ جديدٍ كحال من أناب وتاب


فإن اقتنعت بما وجدت صرت كحجر الكيلو
مرشداً لما خلف الضباب

وإن تحرّقت شوقاً للقاء الحبيب
فعاود الكدح وأهجر الألقاب




ليلة المولد الأشرف

بأبي أنتم وأمي وبالنفس والروح
وأقصى خيالات الصفاء

أنتم الفرض لا نفلاً الصلاة والصلة
ومفتاح حروف الهجاء

الماء أصل الحياة وأصل الماء تفلتكم
وهي نبع أدوية الشفاء
فما خلقت الأكوان إلا لكم مهداً
والساعة أنتم والضياء


كنت كنزاً مخفيّاً
فأحببت أن أُعرف

ما نشأ الحب إلا
بوجود عاشق ومن أحب به عليم

قال أحببت فهو الذي أحب
فمن هو ذلك المحبوب ذو الحظ العظيم

ظهر من الخفاء لم يلد ولم يولد
فما أحب غيره ولا غيرية في التنظيم

و قد كان حافز الحب أن يُعرف
فمن هنا غيره ليعرف لذّة التنغيم
بالحب من ذروة انفعاله
برز الخلق أول الشعاع من ليل بهيم



يقول محمد
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

أنا لست ظلاً يحجب الأنوار
بل أنما أنا ذلك النور الذي كان أول ما خُلق

أنا أول الخير
خير الخيار من خيارٍ
من عظمة ما تجلى فندفق

أنا أول الخلق
والملَكَ والجن وآدم مني
كذلك كل ما في الكون انبثق


الناسوت اللاهوت الملك والملكوت
درجات المقامات ما مني أنعتق

حقيقة الأمر حقيقتي وعاء وعي
فنضح بما فيه طبقاً عن طبق

مُحمّدٌ مُحمّلٌ
والمحمول على المحمود أحمد
إليه أشارت العذراء بما اتفق

قال سيأتي رسولٌ من بعدي
اسمه كاسمه يجيء يسوعٌ حذق

وقال يجيء من الآفاق
فهو لم يولد ولن يلد مثل الذي كان سبق

آدم إلى نوحٍ إلى إبراهيم إليّ
هم رواة حكايتي
فترقب ظهوري بالأفق
أنا أولهم وآخرهم
ما جاء قبلي ولن يأتي بعدي
إلا {الله} الذي خلق

اللهم صلي وسلم وبارك عليه
ما ظهر وغاب الشفق





آلة الزمان

ليس السفر عبر أبعاد الوقت إلى الآفاق
لروية ما مضى وما سيقبل من الأيام

بأن تركب الآلة لفتح أبواب الزمان على النجوم
تطوف حول أبعادٍ ليس لها مقام

السفر عبر الوقت في حقيقة الأمر
أن في مقامك تستقر
و الأيام هي التي عليك تتوالى في لحظة وجدٍ وهيام

لا البصر ولا البصائر شهود إثباتٍ
فالعيون تتبلور عيناً واحدةٍ كالبدر ليل التمام

ولن يكون بالإمكان أن تُجري على ما فات تعديلاً
فقد طويت الصحف بعد أن ختمت الكتابة الأقلام

قرار القاضي الحاكم العادل نافذ
وليس للأمر أن يُستأنف بمحاكمٍ عليا
غير من خلق الأنام

ولأن القرار صدر على صرف محبةٍ
فلا يظلم الرب عبداً
ولا تغيب عن الراعي شاة من الأغنام

آلة الزمان العقل لا نطلقه بل نعقله ليسكن
حتى إذ توقف الزوغان انفتحت الأبواب على المرام



عندما جمح الحب

إن أصابك ما لربما تحسبه مصيبة
فابتسم فالقلب فيك قد فرح

وتنطفئ في الحال نار وهمك عنك
كي ترى الأمر ما أنه جرح

في حقيقة الأمر ما ظهر الوجود في الأزل
وكان محسوساً إلا بعد أن الحب قد جمح

وما الإكراه والإعراض والعذاب تهديداً
إنما هو كما تتمنع الحسناء وهي راغبة أن تحتسي القدح

{لا إكراه في الدين} وصفة عالِمٍ لعالَمٍ
ليَخْرُج عما به استكان مابرح
التفرّد

التفرّد أنبنى إلى قوانين
انبثقت على قواعدها الحياة
وتوالت الأطوار تصقلها
على مُكثٍ وهي ماضية بانتظام

النظام قُضيّ على نارٍ مباركة
وتم التخطيط بحكمة إرادة الرجعى
ولا يقتضي التنفيذ غير أن تستمع
وأن تنصت لتعبير الكلام



العلم

العلم نترات الذهب والفضة
مقادير بعضها من بعض على الميزان يختصمان

رجالٌ علماءٌ ونساءٌ عارفاتٌ
رَوْحٌ وريحانٌ على الحب يلتقيان

بحران عذبٌ فراتٌ والآخر ملحٌ أُجاجٌ
الماء برزخٌ بينهما عليه بالزُوّاجِ يمتزجان

فالذهب والفضة زوجٌ وزوجة
بينهما مودة ورحمة تقديراً من الرحمن

الذي عنده

الذي عنده يُعطى ويزاد
والذي ليس عنده يُؤخذ منه بحكمة الأنساب

فما هو الذي في العند
يُزاد عليه عطاء ويُبارك بغير حساب

وما هو المعدوم يُؤخذ منه
وتُغلّق في وجهه سائر الأبواب

ما هو هذا الذي يُعطى ويُؤخذ
وعلى مقدار وجوده تُقدّر الأسباب

إنه الحب به وعليه منه وإليه
تتفاوت نسب الحياة حاضراً ومآب

قال {من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلُّ سبيلا}
[72 الإسراء]
قول الحق عن الذي ليس عنده
قد ملأت الدنيا القلب منه والأجناب

أما الذي عنده
فقد أحب لأخيه ما أحب لنفسه
وذلك الصالح الأوّاب

إن انهالت عليه الدنيا ما تعدّت يده
فأنفقها بغير حساب

إن أودع الرحمن في القلب منك مودة ورحمة
فقد كفاك الهمّ والغمّ وكل ويلات العذاب

وأُعطيت خيراً لا حدود له
ولا العطب له يوماً أصاب

الأنانية العليا أن لنفسك بالخير تستأثر
ولا يعرف القلب منك أشكالاً من خراب

تلك سنة العزيز الغفور للذنوب جميعاً
ورحمته عليها أُقيمت سائر الأعتاب




السدرة

السدرة ما أدراك ما السدرة
ينتهي عندها الحول والقوة
حال ما لاحت من قلبك الأنوار

و السدرة ليست بواحدة
وإنما هي بعدد الخلائق كلها
كلٌّ يطلب العروج لسدر ٍتتلاشى عنده الأفكار





التوحيد

التوحيد ما هو علم
تحفظ له حديث تقول أنا شيخ
وتقرأ الآيات

وما هو دَين {لله}
{الله} ما يسلف و لا يخلّف
حاشاه الكريم الأحد الصمد
مستديم الجود هدى وهبات

التوحيد حالة فيك أنت
يكون ظاهرك يحكي عن باطنك
بلا تلفيق ولا تصفيق بل بي عمل يصدّق الكلمات
علم عام في بحر علام فيه إتماص
ما له قيف حداه يقيف
كسره بي مويه شراب الموص
وصّت به حبوبات

ما هو قطرات من سحابة صيف
بل العلم الفيه إكرام ضيف
ومهما يكون الجيب من الوساخه نضيف
أهلا حبابكم عشرة تغني عن وجبات

التوحيد شجاعة بها تقيف
ما تهاب الموت
ولا بتندب فوت
الفات الفات في ديلو سبع لفات
إنت ود اليوم وتومك البسمات
أنحن نتحدث بي لسان العصر
دائما نكون في قيام
حالنا ما مايل
نوازن بالصدق كفات

أنحن ما بنضيف ولا نلغي
بل نحن بنكييف
نمحص كيف يكون الكيف لزوم اليوم
كلاتنا ولاد تسعة
وحق {الله} نتقاسم في اليوم وفي بكره
وكل ما قد فات

التوحيد ما علم مدروس
تساهر الليل تذاكر له كراسات


التوحيد رغيف مهروس
في بطن جوعان
مويه لي عطشان
مواساة لي وجعان
وتعليم لأمّي بيهو يعبّر الخطرات



ترياق جرعة الغيظ

تتجرّع الغيظ صِبراً
به تُداوي ما أصابك من جراح

كلمة السوء تقذفها لا تقع أرضاً
ولا يردها عن الاثنين إلا السماح

إن بسطت يداً مملوءة إثماً
تبوء بالإثمين معاً ولن يُفلتك منه نواح




الخالدات

الخالدات أبد الدهر وبعده الكلمات الطيبة
والطيبات للطيبين وذلك قانون الوفاق

بالكلمة الطيبة توثيق عرى الأواصر
فهي أصلها ثابت لا يزعزعه الخوف ولا النفاق

كلمة السوء المنمّقة يمكنها أسر بعض العقول
ولكن يستحيل عليها اختراق القلوب مهما اشتدّ الشّقاق




هل تهجع الأرواح

تروح أنوار ليلي لتختفي والصب المشّوّق يتساءل
متى جاءت حتى تستدير إلى الرواح

وصاحبة توزّ الرياح تجلبها فتتمنّع
وترسل بصاصها تستطلع الأسحار ومن ركع
حتى إذ أطلّ الفجر برأسه
ذهبت الأشواق أدراج الرياح

وتتساءل أخوات ليلى أين مي
فيقال ذهبت إلى الآفاق تجلبها
لتحشر الوحش فجراً قبل أن يؤذن البيّاح


وجاءت تقول مي وقد تهلل الوجه منها
ما أن وردت ماء مدين
التقيت السلام عليه موسى يقول
لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي
إذ أنني سلمتها راعي الصباح

وتشرق الأرض بنور ربها
فيتحاوى الليل المضيء خلف ثيابها
فيُرى وكأن ما كان شيء
وقد هجعت الأرواح

وأصبح العاشق الصب
يتذوّق الشجر مذاق الروح
ولا يبالي بالمزج
بعد أن ذاق الطعم السمح صافياً وقِراح



عسى ولعل

كل فتىً يهوى فإني بأذياله متعلق
عسى ولعل أن يراني الحبيب بعتبة داره أتمرّق

وكل سوّاحٍ على الجمر من نار أشواقه
أرجوه لي مرشداً
عسى ولعل أن أتذوّق بعضاً
من شراب نبعه المتدفق





الواحد ثالث اثنان

قال {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}
وهل في الكون إلا عبيداً
لملك الملوك إنس وجان

وفي الضمن إبليساً
شيطاناً مسخرا عبر الزمان

هو يمثّل ألم خصام الأحبة
لعودٍ حميدٍ هنا والآن

لولا العبدُ مأمورٌ يبعثر شراً
لما كان غفرانٌ بكلمة الحق عليه ضمان
قمّة حياة الشعور
عناق الأحبة داخل كأس البيان

في العدوة الدنيا يكون الخصام
يُسعّر شوقاً ويطلق عنان

وفي أعلى الوادي بقدس أقداسٍ
يتم الفناء ليبقى الواحد ثالث اثنان

حياة الشعور سفينة نوح
عليه السلام هنا والآن

الفكر الثاقب عصا موسى
عليه سلاما يبطل سحر العيان
وبين البينين يأتي السلام عليه الخضر
يسوي الخصام ويعقد قران

ألوية السلام من تحت الثرى نبتت
فيها الجواب لكل سؤالٍ فيه امتحان



راعية البراق

جنود السماوات والأرض
على النفير فوق الراء جاهزون

فالراء من بين الحروف لها مكانة
لا يميّزها كل من ركب الظنون
بوتقةٌ تفرّ الشوائب منها
وقاطنها اليقين على سرج المتون

سوّاحة كشأن اليقين لا استقرار لها
مكرّة مفرّة حول الحجون
الراء طاقة العلم من أ ل ر
تروي لك الأحكام من القديم ما تحت البطون
وفي الرواية هي قمّة التشويق
كلايمكسها وهي مفتاح السجون

الراء راعية البراق إلى الأنبياء الصلاة والسلام عليهم
عبر أبعاد الزمان تُرسله إليهم يأخذهم لسدرة المكنون

هي الخباء تحت ساق العرش
خيمةٌ نُصبت
إليها يأخذهم الطائر الميمون

ليس البراق خيالاً يحملك بعيداً
إلى داخل الأسوار من الحصون
بل هو اعتمال محبة الإرواء فيك
يأخذك إليك كن فيكون

وعند الزواج يُقام عليك
يكون البراق شاهدك
ويكون جبريلك المأذون

حينئذٍ تُقرع الأجراس في كنائسك
ويرتفع المؤذن بالنداء من على مساجدك
فيتعانق في نواحيك التين والزيتون

ويشرق وجهك بالضياء صادراً منك
يتوالى عليك النور طيباً و دخون

فيقول لك جبريلك تقدم فعروسك في انتظارٍ
تدخل تجد نفسك المرهون

السير منك والرجوع إليك
وما تعدد الصور والألوان إلا
مهرجان الفرح لعودة المسجون

فلا تدور في الآفاق تبحث عنك
فالعالم الأكبر فيك انطوى
و حقيقة الزمن الآن لا عبر القرون

فإذا أويت إلى جنانك فاستقم
وتواضع وإلا فتنك المتربص الملعون

الاستقامة لا حدود لاكتمال نصابها
فلا تتراخى اصبر وصابر ورابط تجد السكون

الهلع والجزع يستفزانك
تكدح خارجاً لتعرف من تكون

و حقيقة الكدح أن ترابط صابراً
ينبثق عنك ربك المكنون

حال ما أن إليك أويت
يحتد منك البصر فترى الأمر
عياناً يقيناً بأنك المرهون

ليس في الكون ما خُلق عبثاً
بل الكل موجه ليتمكن الإنسان من السكون


قميص يوسف

هل العشاق تُجافي جنوبهم مضاجعها
لتطلعهم على السر الدفين

وهل هم والهوى يسرون ليلاً
يتطلعون بلوغ مهد سلطان المحبين

وهل النفس ومن سوّاها فألهما
بعضهم من بعض وليس هم نوعين

أم أن القلم وما خطه
امتداد بعضهما كشأن الماء والطين


أم أن العينان لا تريان إلا واحداً
تنظران إليه من جهتين

وهل أن المحب الحق إذا دنا تدلى
إلى غاب قوسين أو أدنى من الحرم الأمين

وهل للمحبين هناك مقاماً
أم أنها الأحوال لا تركن لهداة الليل السكين

فيا أهل الهوى هبوا لنجدتنا
قد ضل حادينا ونجهل أين نحن هذا الحين

ليس سوى السوى ما يوسوس لنا ينادينا
فأين أنت يا ياء سين

قد تشابه علينا البقر
فأي منا تريدين نذبحه قرباناً ونكون فرحين

ونرجو العون ألا يكون هذا منا ادّعاء
وفي المحكّ نسقط صرعى خائبين

الأمل أن تُصحح فينا النوايا
وحسن الظن نعتمد عليه تأمين

الظن منا فيكم جميلٌ أن نُعطى ونزاد
فنعود منكم إلينا بقميص يوسف أيبين




النور الضاوي

ما سطع في السماوات والأرض من نورٍ
إلا وقد كان بعض ضيائه
تعكسه إلى الوجود شموس العارفين

نور المحبة أول الخلق عمّ الوجود ضياؤه
لا يصدّ ضوء الشمس والنجوم شاكلتها
بل أن الضوء فيه تأخذ الشمس منه ظلالها
ويظل هو النور المبين

و لولا الشموس تعكس النور منه و ناره
لما أخذت الكواكب زخرفها
و لما نبتت على الأرض رياحينٌ ولا ياسمين



المكتوب هنا ليس شعراً

أنا لا أكتب شعراً إنما أستدرج النصوص والكلمات
أبني لها بيتاً أسكنها فيه لعلها تسكن بلا أنّات
فتبوح لي بالسر عن ربي الذي استعصم وراء هيهات

***

ولقد سعدت حقاً وتشرفت بهذا السيل من الحروف
يسيل من الأعماق لا يحمل زبداً ولا غثاء مجروف
إنما يرتب المهد للمعاني حرفاً حرفاً فيهدأ الروع بالمعروف

***


ي س قلم و دواية تكتب المكنون وما تراه العين
قلب القرآن ببحر التين والزيتون سلام نورين

زوج من الأزواج مما قيل مما لا يعلمون فطين
الياء والسين عامودين ركائز الباب بسور الطين
ببحر السين غسيل جنبين
معاول الياء تدك سور الصين



الغفران يسبق رمش الأحداق

كن حوتاً تتوارى خوفاً عنك
فلول سباع الأعماق

وما الحوت تسرّب عن موسى السلام عليه فأفاق
ما ذاك غير إشارة لكيف لمغتربٍ
تدفعه إلى الوطن الأشواق

كيف لمشتاقٍ يغلّ يداً
فالأشواق على درب الرجعى
لا تمل الإنفاق

فما بالك بمن إلى الوطن القديم
الأشواق تدفعه ويرجو الإعتاق

ينادي الحبيب يتبعه
بأبيه وأمّه يُفديه ولا يثنيه الإملاق

طالما أن الصواع برحله
فهو يُعطى ويُزاد إلى ما فوق الآفاق

فإن كنت تعرف قيمة ما فيك وأنت فيه وعليه
ما أنها قسمة ضيزى تستدعي الإحقاق
لا بل أنت الحبيب المحبوب
المدلل لا يقنط
فالغفران يسبق رَمش الأحداق

ولعل ذلك أسرع من قول كن فيكون
وتلك رحمة وسعت الفوق وما تحت الأعماق


الدين النصيحة

توقف لا تحرّك المهماز إن أردت اللحاق به
فالليل والخيل والبيداء تعرف أنه
لا يفارق الدار أبد الآبدين

ليس اللجام إن أردت شكم جموحه
أطلق العنان له
فالقصواء تعرف أين يُقام دار العابدين

نراك قد غضبت إذ صححنا لك ادعاء قراره
الخير لك أن تغضب له
وأن على النفس تُؤثره لتكون زين العابدين


وتريد أن تقطن الدار الأمان جواره
لتنال حظاً من الطيب عبق جنابه
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين

لا تستهون إشاراتٍ ترى أنها لا تسوى
ويكون زمام الأمر فيها
كالشمس في وضح النهار دليل درب السالكين



تجدد الفطرة

فطرت من فطر السماوات والأرض
تتجدد كل يوم من الغيب يأتي جديد

كما الحال في تجدد شأنه
صوراً و ألوانا فريدة
لا مثيل لها على التحقيق في التفريد

سلامة الفطرة يحكمها إشاعة الخير
لإجلاء محاسن الحسن الفريد

وعلى حمئة جذوة الحب تعتمل في الأحشاء
يتحسّن التخليق فلا شيء إلا وخُلق فريد

السلام عليه آدم والد الأوادم جمعاً
زوّج البنت لأخيها لم يكن إلا فريد

فكانت فطرت مبدع الأكوان
جعل المودة والرحمة
وشيجة التشقيق بالتحديد

ولماذا نروح بعيداً لعهد قديم
فالأباطرة في روما وفراعنة مصر الجديد

إلى عهد قريب يتزوج الإخوان أخواتهم
تماما كما كان في العهد العريق فليس ثم جديد

في كل آن أقام على مكانٍ
سابقاُ أو لاحقاً
تواءم الاثنان بسطاً على مقامٍ جديد
ليُقام الوزن بالقسط على سلامٍ
وسلامة فطرت التشويق لشرق نضيد

فلا تغرب شمسٌ إلا والأشواق تعربد
تدفع ليل الجمال حثيثاً نحو فجر الجلال العديد

جلد الحياة المتجدد جمع كل الذي مضى
وجميع ما يُقبل في هاهنا والآن حقاً حديد




القدح المُعلّى

إن كانت الأنا تسافر سائحة
نحو آفاق الوقت عبر أبعاد الزمان

فال أنت لا تزال كنزاً تتوارى تحت الطين
أقيم جداراً على المكان ها هنا والآن

الفرق بين الأنا وال أنت لا فرق
وإنما الفرقان هدم جدار الزمكان

ويُستخرج الكنز الدفين أمداً سحيقاً
هو ميراث الغلامين اليتيمين زمانا ومكان


فلولا أن كان الصلاح شأن أبيهما
لكان الحمأ المسنون الآن سيد السلطان

ولما أنجبت السلام عليهما مريم العذراء عيسى
مسيحاً على نقيض السلام عليه موسى الديدبان

الأنت حقيقة الحقين
هو القدح المُعلّى بقدس أقداسٍ لا تتجلّى
إلا لمُسبّحٍ بالحمد شاكرٍ
اشتكت مضاجعه حرقة الهجر والسلوان





شُبُهاتٌ تبعت وهم

يقولون كثرت علينا الضغوط
هموم الحياة وويلاتها
وما هم في ذلك إلا حيارى
وما سبب كل هذا غير الوهم

إن هم إلا عقولاً ما شبّت عن الطوق
وما عن القيد تحررت معاصمهم

فإن رُفع حجاب الوهم عن نواظرهم
دخلوا المدائن سُجّداً وتجدد فيهم فهم

إن هم بنعمة الأرباب عليهم تحدثوا
أطلت من الجنان حورياتها تُحيي لهم
وعم الفرح أرجاء الجنان
وازدانت الأكوان بألوان البهاء
و هطلت السماء تزغرد لهم

إن نظرت إليهم بعين الوهم
رأيت قبوراً عنها خرجت بعاعيتها
تُعيث فيهم فساداً
ورأيت أنهاراً من دماءٍ سُفكت
و كثير أبناء سفاح صاروا قمم

كثيرٌ منهم قادة وعلماء دعاة مذاهب
لا ترى في عيونهم غير الخواء
أفئدة لا تعزف إلا نشازاً
فالآذان سُدّت وقر ا
وتغلّفت القلوب قشوراً وظلاماً لهم

عيون الولد للوالد تنظر شذراً
ستبكي كثيراً ومنها تنهمر دموعٌ دم

فيا ابنٌ عصى والديه
أتعلم أن الحياة بدأت بهم
وأن لك لا خلاص إلا تحت أقدامهم



المثل الذي لا مثيل له

كلمة واحدة تغيير
موازين كل المفاهيم زمناً طويلاً عمّرت

كلمة صغيرة من حرفين
طول الزمان لا تغيّرت ولا تبدّلت

المثاني السبع وذو القرنين
وجنود يس عيونٌ لها تأججت

الكلمة لا طه ولا يس
بل المثل الذي لا مثيل له عليه تعرّفت

على نولها غزلت نسيج شعورها
وبالروح والريحان تعطرت

لا لون ولا طعم لها ولا رائحة
لا هي الماء ولا الهواء بل هي من سخّرت

كلمة التوحيد{لا إله إلا الله}
رأس رمح جنودها برقعاً خلفه استترت

لا تعرّفها الألف واللام
لا بل العرفان مشكاتاً عليه تنزّلت

لا تكون رؤيتها إلا بواحدة
لا زمان ولا مكان وراءه خُفيت

كلمة مجرّدة لا تنتسب لغيرها
فلا غير لها ولا غيرية بها امتزجت

إن عرفتها عرفت ما بعد الجنان السبع
و سدرة منتهاك إجلالاً لها سجدت

على نقرة الأوتار من جيتارها
الملائكة تغنّت مسبحة
وبلابل دوحها رقصت

ما تذوّق زيت جنينها البكر إلا واحدٌ
نورٌ من نوره كل الخلائق خُلقت

و من أحسن ممن خُلقه لها وصفاً
فما غيره في صوره نُفخت

حاول الوقوف تحت الظل من شرفاتها
عسى ولعل عليك أنها طلّت

فإن حُظيت بنظرة منها
ازددت جمالاً
قطرة مما به سبحت

كلما منها اقتربت
منك إليك
بين الصفا والمروة هرولت

لأجل التذكير بها
الكعبة المشرّفة البيت الحرام
قواعده رُفعت
أُشدد الوثاق منك فيك
تسعى إليك وصيفاتها بما عليك اشترطت

فإن إليك باحت بحبها
كان منك الوجد قد فاض بما طفحت

حتى إذ استحكم الوجد من عرفاتك
قالت لك عُد واعتدل وهكذا دائماً حكمت

فلا تيأس استذكر عاود الكرّ
لعلك ترضى بما عليك تفضلت نفحت

هي تهواك لكنها تتمنّع
تستوقد ناراً مقدسة حيث أنها هجعت

فاستمع وأنصت لأريج حديثها
تغدق عليك عطراً طالما به نضحت

و لا تلتفت عنها و إلا
تبعت عشّاقاً لها صرعت

فأنها لن ترض منك
إلا وكلك جمعاً سُجّداً لما وعدت

فلا تدع الوسواس الخناس يضللك عنها
فهي لن تقبل إلا و كلّك تحت أقدامها جمعت

فخذ كتابك عرض حالك باليمين
لا تتردد واقصد العلم الذي نصبت

وأعلم بأن كل الذي سبقت حكايته
قصة حالك منك فيك النفس وما عليه انطبعت


نون الحق

الطريق السالك عبّده الرب
فتوجه إليه عليك تجده قد حنّ ترفّق

أمض لوجهك لا تتلفّت
تجد القرب من ربك فيك تحقق

فالرب فيك خلاصة السير منك إليك
فانظر إليه ثقة فيه لا تتملّق

دع القلم فهو من يكتب
والتمس النور من نون الحق

وقدة القلوب

ليس الخلق بداية الحياة
إنما من الخفاء هو أول الظهور

بداية الحياة هي أنه أحب
فكانت المحبة أول جلاء النور

وبرزت الحقيقة تحكي عن الخفاء
مثقال ذرة من وجدٍ أشعل الشعور
فبي كانت المحبة وقدة القلوب
والفكر قبس نارٍ شرارة المرور


يمكنك أن تمتطي الأحوال أجنحة
بها تطير لبعدٍ ما بعده مجال

تعلو إلى ما بعد حدود السماء
وفوق الناطحات لسحب الخيال

حتى إذ أفقت لواقع الأمر
تجد مقامك والبلاط تحت ممسحة الشوال

فإن كان معدنك مقام الأصل فيك نفيساً
نهضت من كبوةٍ وشددت في الحال الرحال

إن كنت تبيع الكلام ترسله على عواهنه
خفت موازينك يوم الحارّة عند السؤال


و إن كان المقام فيك يشكر حمداً
ثقلت موازينك بالعرض حال

الناس معادن كذهب وفضة
ومنهم الألماس كما فيهم الصلصال

فأربأ بنفسك عن كل صغارٍ
تتجاوز الأسباب للمسبب المتعال

اعتمد الرب عنك حولاً وقوة
تجد المصاعب حولك وهم خيال



العلاقة المقدسة

{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها
وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون}
[21 الروم]

الزواج يحكي كيف برز الخلق جسداً
من اعتمال محبة الذات في ذات الخفاء الصميم

الرجل يحب نفسه فيريدها خارجه
يستمتع بالنظر إليها
يعانقها مودة فيسكن إليها فيقيم في داخلها
بلهفة الشوق للرجوع إلى الوطن القديم


في البعد الرابع ما بين أربعةٍ يتم فناء التعدد
تُدكّ الجبال
فيصير الزوج جسداً واحداً بقلبٍ ساجدٍ
فتتنزّل الرحمة بميلاد أبناءٍ تتبلور جنة نعيم

علاقةٌ مقدّسةٌ حُفظت بأسوار عناية عصيّة الخرق
وبعد عبادة الربّ بالوالدين إحساناً
فتتناغم الرحمة ولاءً للود الحميم

وتستمر الحياة ببحر المحبة
أمواجٌ تروح وأخرى تجيء
والبحر الزاخر يظل كأنه هو كالليل العتيم

بالنفخ في صور الخفاء تصير المحبة روحاً
تتجسّد خلقاً
ويُنصّب الإنسان على الأرض خليفة
ومن وراء السبعة بحور الحياة
يُنادى يُلاقي الرب العليم


الفؤاد أنثى

لا تُقرّع المرأة تؤدبها
فهي خارطة الطريق إلى العقيق

و لا تطرق بابها إلا برحمة ومودة
تسكنك سدرة منتهاك لمحاً كالبريق

لا تدخل إلى المحراب تصلي إلا ببسملة
فيطيب لك المقام بجنان مأواك العتيق

ولا تجلس بقارعة الطريق تستجدي
خذ حبلاً واحتطب و أشعل النار للتوفيق


وخذ قبساً منها أو جذوة لعلّك تهتدي
أو أنك تصطلي من بعد بالتفريق

لا تسجد إلى العتب المبارك إلا ذاكراً
وبالتي هي أحسن ذكّر لعلك أن تفيق

المرأة الزوجة هي الفؤاد لقلبك
هي بابه و حجابه هي عاجنة الدقيق

فإن سكنت إليها بكلّك ما عنها التفتّ
آوتك إلى رحابٍ فيك واسعٍ ودقيق




الظهور استئناس

قلنا أن المرأة أنثى
وليست الأنثى امرأة من النساء
ونقول أن الرجل ذكرٌ
وليس الذكر رجلاً من الأناس

الذكرُ الواحد الأحد لم يلد ولم يولد
وإنما الخفاء ظهر جلاءً مساس

الأنثى نفسه المقدسة من خفائه أخرجها
كي يراها لأجل استئناس

هنا انبثقت العلاقة المقدسة بين رجل وامرأة
مثلما بين السماء والأرض التماس

ولقد جُعل ما بينهما عروة وثقى
قوامها المحبة مودة ورحمة والسكن أساس
الفن أنثى

الأعظم في ضروب الفن أنثى
لا نقول الأنثى امرأة
بل أن المرأة كما شأن الحقيقة أنثى

وما ألّه الأقدمون المرأة آلهة أنثى
إلا استراقاً لسمعٍ عن أمر الحقيقة الأنثى

ولقد انبثق الحق رجلاً
عند التجلي من رحم الحقيقة الأنثى

مثلما أنجبت السلام عليهم مريم العذراء عيسى
كلمة {الله} ولداً كان والداه رحم أنثى

واعتلى الحق صار رأس الرمح
زوجاً للمرأة الأنثى

فجُعل السلام عليه آدم الذكر خليفة
و عنه مما في الأصل كان به
انبثقت حواء المرأة الأنثى



ياء السماء

الاستغفار يمحو كل آثارٍ لمربعٍ في مربعةٍ
ولا تسلني عن ماهية التربيع
فأنا وأنت عن فهم ذاك سواء

فلقد صحوت الآن وهي على اللسان تجري بلا استبطاء
فعكفت أستغفر لعلي أجدها بين حرفين مما أفاء

ولقد نوديت من وراء سبعة بحورٍ
أن إلى فصل تدريس اللغة العربية توجه بلا استرخاء

هناك يدلونك على الماهية
والأضلاع الأربعة بلا استثناء
فمالي لا أهيم بوادٍ وُجدت به لا صفة له ولا أسماء
ليس خبط عشواء أسير بين شعابه
وإنما علي نسق ما ينتظم قطرة الماء

درجوا ينادونك ليث الرمال
وأنت في الغابات ليثٌ كما أنت في الصحراء

طفقت تترقب كيف الظهور
تردد أن هيت لك فاقبل
يا ياسين الأرض ويا ياء السماء

الياء والسين يكوّنان فؤاداً
أُنبوباً لولبياً يؤدي إلى قلب العماء


منه يخرج السلام قولاً
ليكون كما في السماء يحط على أرض البقاء
لعل أن المربع في مربعةٍ
هو العقل يتشتت إلى جميع جهات الفضاء
فالجهات الأربعة أزواجاً ثمانية أبعادٍ لآفاق الخفاء
الآن حاضرة الوجود

يدور الزمان يتلولب
في سيرٍ حثيثٍ إلى ما شاء {الله}
دونما توقفٍ أو تكرار

وحدة قياس الزمان اللحظة الحاضرة
جمعت ما كان وكل الذي سيكون بكامل المقدار

لو أنك أمعنت النظر وبكامل انتباهك أنصت
لرأيت كيف القضاء سطّر الأقدار

وبكل تأكيد لو أنك في الآن انتبهت
لرأيت الآن ما كان من أمر تقلّب الحياة في الأدوار

لرأيت الآن حاضراً آدم وحواء السلام عليهم
وإبليس يغويهم ولسمعت أصل الحوار

لرأيت أمام عينيك الآن حاضراً سفينة نوحٍ السلام عليه
تجري بالقليل ممن عليها في موجٍ كالجبال ثم كيف استوت على الجودي
و كيف أن الابن ما أغناه كومٌ من الأحجار

لرأيت عاداً يحاججهم أخوهم هودٌ السلام عليه
فيقولون إلّم تأتنا ببينةٍ نحن بما تقول كُفّار

ولرأيت ثموداً يذبحون ناقة صالح السلام عليه
ولشهدت طعام وشراب صاحب الحمار
وقد لبث مائة عام ولم يتسنه
ولرأيت عظام الحمار كيف أُنشزت ثم كُسيت لحماً
فلم يملك صاحبه سوى استغفار

سؤال صعب والإجابة أصعب

هل لابد أن تخطيء لتترقى وإلا تقف مكانك سر
وما هو السر في لازمة الخطأ
للسير إلى الأعالي على متن استغفار

قال ( إن لم تُخطئوا وتستغفروا
فسيأتي {الله} بقوم يُخطئون ويستغفرون فيغفر لهم )
لم يأت هذا الحديث عن هوى
وإنما هو الحكمة الحكيمة خلف نماءٍ وازدهار

الدرجات العاليات لا تُنال إلا بعد امتحانٍ وابتلاءٍ
ليمحق الحقُ الباطل على تجارب ذوقٍ
ولا بدّ للصفاء يعقب إعتكار

إن كانت فطرت الأشياء أن يعقب الليل النهار
في دورة متواصلة ديدنها أن تتلولب باستمرار

فإن فطرت الأحياء أن تتقلّب بين موجبٍ وسالب
تحاول جاهدة أن تتوحّد لتنجب الأحرار

وإن بدأت فيك الشهوات تتقلّب
فأوي إلى جدار لا ريب
تبترد برداً يذيب أعتا جهنميات الدمار



أخبارٌ وأنباء

بانت سعاد وما بانت
والبون أصبح شاسعاً ما بين خطأ واستغفار

غير أن من لطائف الأخبار التي وردت
أن مجرّد الندم يُدنيك عشرة أمثالٍ
ولا يُبعدك عن ضوءا لنهار

ولعل أن من أحسن الأنباء
أن العشرة قد تتضاعف إلى مائة
والمائة إلى عشرة آلافٍ
وقد يتجاوز العدد الحساب بلا عيار

إذاً فالظلم لا يقع أبداً على العبد من ربه
الذي سوّاه فأحسن خلقه ليرى نفسه خارج الأسوار
فيا ليت أني يا سعادُ وأنتم نقيم معاً
فتتحوّل الأحوال إلى مقام
لا يُقيم عليه الخضر السلام عليه جدار

فنغنى كما كنا نحن وأنتم من قبل أن تتنزّل الأملاك
تُلقي على عيون العالمين دثار

هذا الليل ما أعمقه كفضاء الكون بلا نهاية
وما أجلّ وأكثر ما يحويه من أسرار

فيا ليتك يا ليلُ لا تنقشع
إلا وقد أُفرقت الدنانُ عن مكنونها
فأصبحت يا ليل
أكثر ضياءً من ما ليس يغطيه السحاب نهار


ضجيج السكون

الجفاء عمّ القلوب وضرب الجفاف متون البحار
وليس ما يُكتب هنا غير انفعالات نفسٍ تعرّت أمام مرآتها
ومن ثم سقط النقاب عن وجه الجمود

في جوف الليل هذا الذي ما عاد ليلاً يحتضن السكون
السكون تلاشى تحت إيقاع الضجيج سمة العصر
يُرِى كأن الفناء طريق الخلود

ليس الفناء انعداماً
وإنما تجدد صور الحياة
كيفما يعقب الليل النهار إلى ما لا نهاية أفق الفضاء
يعانق فيه صيف الفناء شتاء الخلود

ضجيج سكون الليل جعل الحضور عصيّاً
والاستغفار بالأسحار عملةً نادرة
وصرف المواهي كل شتاء
حين الضجيج يغمره الصقيع فتتخشّب منه الجلود






البحث عن المعرفة

انقطع إرسالي فما عدت أرى
غير منثورٍ من هباءٍ أقام بالأركان

فخمدت براكين شوا كلي
ومادت الأرض من وطأة الأوزان

وخرّ الجسد المعتّق هامداً
بعد ما ارتفعت على المآذن ندوة الآذان

وتيبس الجزع عجزاً عن حمل أوزاري
فما عاد إلاّ حطباً لوقادة النيران


أصبحت مبتدِأً تحت المطارق يحبو
عبثاً يحاول يحاور ما كُن بالأجنان

سأظل أبحث عن أرض
لا ينبت فيها شوك الأغصان

أبحث عن وطنٍ
تجري على صفحة أنهره يرقات الصحيان

أُطارد كلمات
تدكّ بقوتها أركاناً ران عليها النسيان

أبحث خلف حجاب العجز
عن زنبقة تفوح أريج الإنسان
أغازل حسناً
يتوارى تحت أسمالٍ من عفنٍ
فوق ألوية العصيان

أتعجب كيف لهذا الجسد الهرم
يتماوج يروي بساتين حقول الريحان

الليلُ رجلٌ معطاءٌ لا يبخل
يجري من بين أنامله موزون صفاء الألحان

ونهار الكدحِ حسناءٌ تتبرّج
تتمنّع تتبرقع تطلب حمر النعمان

الجنّة رجلٌ يلبي خطرات تتخاطر
والمرأة نارٌ موقدةٌ لا يغنيها بذل العينان

أزواجٌ لم نكن نعرفها
تتزاوج كالشمس تعاشره قمران

سأظل أبحث عن أهلٍ
لا تعرفهم ويلات غواشي الحرمان

أبحث عن خالص ودٍّ لا تشوّبه
غافلات ٌ من منٍّ أو خصلاتٌ من نكران

أبحث عن شجرٍ زيتونٍ
تقطفه يتفتّق ثمرات لا يحصيها الحسبان

الإيجاب زوج السلب
بغير حساب ينفق لا يخشى النقصان
وحسناء الخدر تأخذ لا تحسب
تشبع إن شبعت نيران

رمضان إيهابٌ من نور
يبرقع وجه الحسن الريان


رموزٌ هي آياتٌ دلائل أروقة
خافية في بهموت سراديب العرفان

معرفةٌ تطلب يدها
يواجهك الصدُّ كسراب لا يروي الظمآن




مخاوف الخوف

أراه في عيني
النور صار إلى ضياءٍ
بلا ظلال بين الياء والسين

وما طاء هاء إلا حروفاً
من حروف إشاراتٍ
سفن الألباب
تغدوا وتروح بين الشاطئين

والسلام قولاً يأتيك فعلاً
عيانٌ بين بينك
والحروف مراسيلٌ
تروم تطمين عيون العاشقين

الوقوف بالأعتاب شكٌ
فلا الأبواب مغلقة
ولا يلقاك رب البيت إلا
بالبشاشة كل حين

فلا تكن هشاً
واصمد واصطبر شكراً لك أولى
ولا تراود فيك ظناً
فقليل هم أولائي الشاكرين

الاعتمال بين جوانحي
في النفس للبرهان شوقٌ
والصبر في الأهوال فوزٌ
والكأس مفتاح اليقين


الباز يحلّق عالياً
تحت طيات ملابسي
ولست بعابئ
بما لا تراه عني عيون الغافلين

فالنور يشعُّ منه يبدد حالك ظلمتي
وذلك فضلٌ به تفضّل
ربّ عين عيون العالمين

النفس عني تعيب مني
صمود تجالدي
والخوف مني
يخشى انفراط عقد العائدين




عود المراسي

ما عشان عرفت لك حرفين تتطاول تخلف الرجلين
تقول بقيت عارف ب{الله}متمكّن وسط جماعة العارفين

العارف زي باز يحلّق جوّات فضاء الكون بلا جنحين
ما يلاقي ليهو مقام يرك فيه يرجع يتواضع يقع مسكين

العالِم جبل شاهق حجر مردوم فوق الأرض ظاهر
والعارف بحر جاري تحت الأرض مجراهُ ط هـ و ي س

العلم والمعرفة وجهان لعملة واحدة متداولة بين اثنين
عقلُ وقلبٌ بيناتهم فؤاد همزة وصل بين قطبين


الفؤاد من جهة القلب الصدّيق في الغار ثاني اثنين
ومن جهة العقل الحاسة السادسة ذات نورين

الفؤاد مركب نجاة من الرياح السبعة الهابّة بين بحرين
و القلب عود المراسي الراكنة فيه كل السفن وقتين





أمن الجسد

الإسلام أن تُسلّم الأمر لصاحب الأمر عن رضاء
التسليم والاستسلام أن تكون عبداً طيّعاً لا تعترض
بذاك يعم السلام جميع الخلايا ويغمر الأمن الجسد

وليس التسليم أمراً هيّناً
فدونه امتحانات وصعاب لا حدود لها
والعبودية لا تتناهى
تظل تتصاعد تطلب الرب الأحد

وتلك مرتبة لا يحققها إلا واحدٌ
من نوره جاء المدد

كتاب اليقين

لا ريب كتابٌ صدره استفتاح خزائن الفتح
من محيطٍ بين مدٍّ وجزرٍ إلى شواطئ النور المبين

والمتن من ذلك الكتاب لا ريب أُقيمت ركائزه ثمانية
على قعر أعماق العلم من حق اليقين

والعجز من لا ريب ابتلاءاتٌ تُحصحص الحق
تخرجه إلى النور من الأجداث
تُسلّه كالشعرة تُسلّ من كوم العجين

لا ريب حجابٌ تُدفع به الآفات بعيداً
به تُنظّف الآفاق من قُطّاعها
به تنجو من بوادر كل فعل شين

لا ريب كتابٌ من الكتب القيّمة
به صحفٌ مطهّرةٌ لا يدنسها شكٌّ
ولا يقاربها إلا من كان من زمرة القليل الشاكرين

مفتاح شفرته { لا إلا أنت }
مصباحه الصدق
ولا عنه يغنيك إلا رضاء الوالدين







واحد الشارع

ما أن تجهز العربات
حتى يتدافع الناس خلفها
نحو درجات السلم السابع

وما أن أشرفوا على مقام غاب قوسين أو أدنى
أصبحوا فرادى لا يرى أحدهم الآخر
وكأنما هو واحد الشارع





لا إقامة

الحياة تتبلور تنجب كل يوم جديدٍ جديدا من الثمر المنضود
ومن الحيوات ما تجعل الشعور يتصعّد إلى نظرٍ حديد

تموت الحياة وتُقبر لينبت جديدٌ منها زهرٌ يتفتّق ثمراً
وتستمر الحياة كشأن الحيّ القيوم من أوجدها ببأسٍ شديد

دُخانٌ تكثّف وضُرب ببعضٍ منه وانبثق شُواظٌ من نارٍ
وانطلق الشرر فكان الطاقة لروحٍ تعدد نفوساً بعمرٍ مديد

ولبث الأمر كما كان عليه حقباً سحيقة ودهراً دهيرا
ثم على قدرٍ جاء العقل عقالاً لقيد الأمر بجنزيرٍ حديد


وتتقلّب الأحوالُ بين لائمة وأمّارة لينبثق إلهامٌ
يُحدد مقاماً لا إقامة فيه بل الحراك لموقع جديد

الحياة بجلالها وجمالها تصوّر شأن بارئها المجرّد
أسرار أبعادها تتكشّف حين تتأمّل تتدبّر عنها لا تحيد



دائرة الفلاح

العلم متعة والمعرفة استمتاع
هكذا جاءت من أين لا أعرف
ووجدت أني أردد كيف هذا
أتعجب من واردٍ بليلٍ يستقبل الإصباح

الجمع بينهما حياةٌ تكاد أن تَكْمُل
العلمُ بسطٌ فكرٌ يطوف ويسعى
والمعرفة الشعور لها كعبةٌ محورٌ
وليت أني أستزيد وضاح

شأن العلم أن يتسلل كالبركان من داخل الأرض
يتفجّر يُولّده شعورٌ غامرٌ
تجد له مثلاً عند الديك في الفجر انتفض وصاح
وسيلة وغاية بعضها من بعض
يتبلور الكيف في ي س يتخفّى
والكم محسوبٌ بدقة على ميزان هيهات استيضاح

الحساب بالدفتر الحسنة تضاعف عشراً
وربما مائة إلى مائة ألف إلى بغير حسابٍ
و الفضل لا له أبواب تحجبه
هو كالهواء لا له مفتاح

الهمّة كوهج النار والوقود استغفارٌ
أذكاه بالأسحار والفكر استذكار
وليس أن تركب إليه جناح

العلم بالفكر تعقله والمعرفة مكانها القلب
النفس بينهما سُوّيت أمارة
وأُلهمت كيف بالأخطاء تكتسب النجاح
تعتمد النقائض سلماً ما بين تجاذب وتنافرٍ
وجاهدة تسعى لاستكمال دائرة الفلاح

براكين جسم الإنسان

جسم الإنسان نموذجاً عليه تجري الأقدار
على نهج التصريف لشأن الأكوان

على الأرض زلازل وبراكين تنفث حمماً ونفايات رمادٍ
كأنها تتخلّص من فائض طاقة خرجت على صورة بركان

كذلك جسم الإنسان وعلى مدار اللحظة الحاضرة
يجري فيه العمل على التخلّص من نفايات الإحراق لوقود الطاقة
تجعله حيّاً كمفاعل نووي لا تخمد فيه النيران

قوام الجسم ذرا تتلاحم
تترابط بطاقة جذبٍ عليها فُطرت
ليقوم بناء الجسد الكائن ككيان الأكوان
كل ذرّة من ذرا كيان الجسد هي أيضاً كائن حي
عليه تجري الأقدار على نهج التصريف لشأن جسم الإنسان

لو أنك تفحّصت جلد الجسم بميكروسكوبٍ أعظم
لرأيت السطح يفور كأن على كل مسامٍ بركان

وهذا ما باستمرارٍ يجعل حياة الكائن ممكنة
بهذا التجديد الدءوب لخلايا التركيب لأساس البنيان

وإن أردت مثالاٍ لمزيد استيضاحٍ
فانظر للظفر لا تكاد تقصفه حتى ينمو
كذلك شعر الرأس تحلقه ثم تعاود حلاقته ولما تمر عليه الأزمان


باب الرضوان

الحرية هجرة من تلبيس وتعقيدات
من نفَسٍ ضيّقٍ من نفْسٍ بالسوء أمّارة
من طاحونةٍ للرزق دوّارة
إلى الكلم الطيّب مقاماً لا تتهدده الأغيار

الحرية من جنّة الرضوان هي أوسع الأبواب
لا من خارجه ولا من داخله مسدول عليه حجاب
الداخل إليه صفّى حساب
والخارج منه رائح يعدّل الأسباب يجدد البنيان
ومن ثم يعاود المشوار

كل ما في الكون محقق فيك له تمثيل نسبي
ولا أيّ حد غيرك لتمثيلك مطابق
وتلك حكمة كمال خالق جماله صور بديعة لا لها تكرار
أنت صورة من بديع تصوير جماله
أنت صور فيك نافخ الروح مثاله
به أنت الآن قائم
وعند التناهي لا بل أنت هو
ولا لك في الأمر كله ثم أيّ خيار



الخاتمة

سؤالك أخيك كيف الحال
ليس منك كلماتٌ مجرّدةٌ بها تريد اطمئناناً
على أحواله بعبارة كيف الحال

السؤال عن أحوال أخيك في أصل علاقات الأُخوّة
له الكلمات إطاراً يضمّ داخل الضلوع
جميع خصال الجمال

الحروف خلايا التجرّد عن جسم الكلام
كل حرف كجراب العرد مكتنزٌ مدفوسٌ ينزّ
بانبعاثات أريج المحبة
ووسيط التوصيل ليس إلا مجرّد سؤال

الأصل فيما تراه عملاً صالحاً
ليس إلا نيّة طيّبة
تخرج منك إلى من تحسبه غيرك
تُصاغ على صورة سؤال

حقيقة الأمر أنما يخرج منك يُردّ إليك
فتجد البركة تعمّ أرجائك أنت
ما أن يخرج منك يعود إليك كلمح الطرف في الحال

سؤالك أخيك كيف الحال
ينمّ عن صادق رغبة وأمنياتٍ طيّباتٍ
بأنك تحب له حقيقة ما تحب لنفسك
أن يكون سعيداً كما أنت عليه حين سألت وليس خيال




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سبعة وثمانية 7 و 8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتـدى طــلاب جامعــة القاهــرة :: المنتدى الادبى-
انتقل الى: